النيورولوجيا فى الأفلام

0
البروفيسور كاميلو نيجرو، أستاذ علم الأعصاب فى جامعة تورينو ورائد الأفلام العلمية

[الصـرع]

قامت باكسنديل Baxendale بدراسة الصراع فى كثيرٍ من الأفلام بشكلٍ منهجىٍ (وترفيهىٍ)، تضمّن ذلك أفلام من روايات لـ"دوستويفسكى" منها "الأبله" و"الأخوة كارمازوف" حيث يعرضان شخصياتٍ مصابة بالصرع. قامت بالإشارة أيضًا إلى  فيلم Othello (1965) المأخوذ عن رواية لـ"شيكسبير"، من المفترض أنه يستند إلى قصة فقدان "عطيل" المؤقت لوعيه حيث سماها/وصفها "ياغو" بالصرع. وقد أُثيرت إعتراضات على فكرة أن "عطيل" مصاب بالصراع، لا سيما الظروف المحيطة بالقصة والتعافى الفورى مما يشير إلى الإغماء syncope  كتشخيصٍ أكثر ترجيحًا. تشتمل الكثير من الأفلام الحديثة ذات الصلة بالصرع على أفلام كـ The Exorcism of Emily Rose (2005) و Requiem (2006)، ويستند كلاهما على حالات ألمانية موثقة فى أوائل السبعينيات. تعتقد إيملى روز Emily Rose بأنها ممسوسة من شياطين وتخضع لعملية طرد أرواح "تعويذة" لتموت فقط بعد يومين. يُتهم القس الذى يمارس عملية طرد الأرواح بـ"القتل بالإهمال negligent homicide" عندما يتبين بأنه اقترح وقف أدوية الصرع لـ"إيميلى روز". ينشأ عن ذلك ما يعرف بالدارما القانونية، مشكلٌ واحدٌ: هو ما إذا كانت تلك المريضة مصابة بالصرع أم الذهان. فى فيلم Requiem، تقوم البطلة ميكايلا Michaela، والتى تعانى من نوباتٍ وهلاوس، بإيقاف أدوية مضادات الصرع بمحض إرادتها.

[التصلب اللويحى]

ربما تكون عازفة التشيلو الشهيرة "جاكلين دو برى" واحدة من أبرز المصابين بالتصلب اللويحى. يوثق فيلم السيرة الذاتية Hilary & Jackie (1998) علاقتها مع أختها، لكن مراجعة مجلة Time Out للفيلم تفشل حتى  فى ذكر مرض التصلب اللويحى المصابة به جاكى. يتجلى أيضًا موضوع "المواهب الشابة التى سُلبت بوحشية نتيجةً للمرض" فى فيلم الدراما Go Now (1995)، عندما يُصاب لاعب كرة قدم شاب بالتصلب اللويحى. من ناحية أكثر إيجابية، فى الدراما المتلفزة The West Wing، يبدو أن الرئيس بارتليت (مارتن شين) قادرٌ على إدارة البيت الأبيض والولايات المتحدة، برغم إصابته بالتصلب اللويحى، مع أنه قد أبطن هذا التشخيص عن الناخبين. رؤساء دولٍ مصابون بمرض عصبى عضال، ما إذا كان يجب أن يكون ذلك معلومًا لدى جمهور الناخبين أم لا قد تمت مناقشته ومراجعته من قبل.


[الشلل الرعاش-باركينسونيزم]


إستنادًا إلى كتاب أوليفر ساكس الشهير، فإن فيلم awakenings (1990) هو سرد لمرض "باركنسونية تالية لإلتهاب الدماغ postencephalitic parkinsonism" وتأثيرات عقار "ليفودوبا levodopa". بيد أن سرد الفيلم لمرض "باركنسون" كان قليلًا، على الرغم من إنتشاره. يتناول فيلم الدراما الكوميدى What We Did on Our Holiday (2006) مريضٌ كهل مصاب بمرض باركنسون.

[مرض العصبون الحركى]

هناك العديد من الأفلام التى تناولت مرض العصبون الحركى برغم قلة إنتشاره إكلينيكيًا. فى الولايات المتحدة، تعرف الحالة بـ"مرض لوجهيرج  Lou Gehrig’s disease" لأن لاعب القاعدة الأولى "يانكيز النيويوركى New York Yankees" أُصيب بهذه الحالة كما يتبين فى فيلم A Love Affair: the Eleanor and Lou Gehrig Story (1978). فى الفيلم الرومانسى/الكوميدى Hugo Pool (1997)، مرض العصبون الحركى هو بمثابة خلفية مدهشة للأحداث، حيث تقع منظفة مسبح من لوس أنجلوس فى الحب مع شابٍ يحتضر بسبب هذا المرض. إن فيلم Jenifer (2001) هو من نوع "حياة شابٍ تحطمت بسبب مرضٍ عضال وقاسٍ" الأكثر أنموذجية. 


[السكتة الدماغية-الحادثة الدماغية الوعائية]

Le scaphandre et le papillon 2007
أصبحت أفلام السيرة الذاتية تعرض لمامًا مرض "السكتة الدماغية"، فمثلًا فيلم The Patricia Neal Story (1981)، عن ممثلة، زوجة "روالد دال"، تتهدد مسيرتها الفنية لإصابتها بـ"حُبْسَة متعلقة بالسكتة الدماغية". فيلم Le scaphandre et le papillon (2007) للمخرج "جوليان شنابل Julian Schnabel" الذى تقوم أحداثه على رواية "جان دومينيك بوبى" عن إصابته بـ"متلازمة المُنْحبِس"، ربما يكون واحدًا من أكثر السرديات الفيلمية قوةً لمرضٍ عصبى.

[الإضطرابات المعرفية العصبية بما فى ذلك آلزهايمر]

Memento 2002
لقد تم سابقًا الإشارة إلى أفلام تعرض شخصياتٍ مصابة بفقدان الذاكرة amnesia. يُشار إلى أنّ فيلم Memento (2000)، حيث يعانى "شيلبى" من نوعٍ من فقدان الذاكرة حيث يتذكر حياته قبل مقتل زوجته ولكنه غير قادر منذ ذلك الوقت أن يتذكر أى شئ لأكثر من بضع دقائق، مستوحى من الحالة الكلاسيكية لـ"هينرى مولاسون" الذى أُصيب بفقدان الذاكرة التقدمى anterograde amnesia بعد استئصال الفص الصدغى ثنائى الجانب بما فى ذلك أجزاء من الحصين hippocampi بسبب إضطرابات نوبة مستعصية intractable. بيد أن مشاهدة الفيلم بديل متواضع عن قراءة العديد من التقارير عن "هينرى مولاسون".وعلى النقيض من قناعة "مولاسون"،  لم تعرف السعادة إلى "شيلبى" طريقًا. 
لقد جذب مرض فقدان الذاكرة Amnesia، بوصفه خاصية لمرض للخرف dementia  أو آلزهايمر، ممثلين مثل مايا فارو فى فيلم Forget Me Never (1999) و جودى دينش فى فيلم Iris (2001) -هذا الأخير يقوم على مذكرات "جون بايلى" عن مرض زوجته "ايريس ماردوخ"- ومايكل كين فى فيلم  Is Anybody There? (2008). فى فيلم Away From Her (2006)، فيونا "جولى كرستى" وجوردون زوجان مسنان تتأثر حياتهم بمرض آلزهايمر: تُبالغ مجلة تايم أوت عندما تصرح بأن 
"العنصر الأكثر إقناعًا هو الإقتراح القائل بأن مرض فيونا هو جزء من معاناة جوردون للتكفير عن جرائمه الماضية [الخيانة]." الفيلم بمثابة "إستثناء"، والتى ترشحت لأجله "كرستى" للأوسكار. فى فيلم The Notebook (2004)، يقرأ "دوك" إلى "آلى" عن علاقة بين إثنين من العشاق الصغار قليلى الحظ. ترى مجلة تايم أوت التناقض الصارخ:
"على ما يبدو أن آلى لم تعد تتعرف على زوجها أو أولادها، لكنها احتفظت بذاكرة قصيرة الأمد كفاية وقوية التركيز لمتابعة رواية دوك الرومانسية من يوم لآخر."
 يمكن التعبير عن هواجس مماثلة حول فيلم  Cortex (2008)، حيث يقوم مفتش الشرطة المصاب بآلزهايمر بحل لغز جريمة قتل فى عيادة لعلاج الإضطرابات العصبية التنكسية.


[أمراض أخرى]

My Left Foot 1989
قد لا يرى العديد من أطباء الأعصاب حالة من "حثل الكظر وبيضاء الدماغ المرتبط بالصبغى إكس X-linked adrenoleukodystrophy" إلا إذا شاهدوا فيلم Lorenzo’s oil (1992)، الذى يوثق مسعى عائلة "أودون Odone " لتطوير علاج لتلك الحالة النادرة. يُقلل زيت لورينزو من مستويات حامض الهكساكوسانويك، وقد تمت توصية التجارب السريرية التالية على أولاد لا تظهر عليهم أيّة أعرض مع نتائج تصوير رنين مغناطيسى طبيعى للدماغ.
فاز "دانيال دى لويس" بالأوسكار لأدائه شخصية "كريستى براون"، المصاب بالـ"الشلل الدماغى cerebral palsy"، فى فيلم My left foot (1989).
يؤدى "جاك نيكلسون" شخصية كاتبٍ مصابٌ بـ"إضطراب وسواسى قهرى obsessive compulsive disorder" فى فيلم As good as it gets (1997)، رغم أن الأداء الأكثر إقناعًَا بالكُليّة مقدم من "طونى شلهوب" فى المسلسل التليفيزيونى الأمريكى  Monk (2002).

[تَتِمّةً]

لنُعيد صياغة ذلك: أيجب على أطباء الأعصاب مشاهدة الأفلام؟ ماذا فعلت السينما لعلم الأعصاب؟ هل كلمة "أفلام سيرة ذاتية biopic" هى ببساطة مزجٌ لكلمة "biographical myopic"؟ رغم أن حقوق النشر licence  هى جزء لا يتجزأ من صناعة الأفلام، غير أن غالبية التصويرات (غير الوثائقية) للأمراض العصبية فى الأفلام غير صحيحة وخادعة. ربما يستوجب عليهم وضع تحذيرات صحية.

ACNR > VOLUME 9 NUMBER 4 > SEPTEMBER/OCTOBER 2009 > 49

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © محمد م. الشرقاوى

تصميم الورشه